Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: محاضرات مقاصد الشريعة الإسلامية لطلاب الدراسات العليا الجمعة 25 مايو 2012 - 16:50 | |
| جامعة القرآن الكريم وتأصيل العلومكلية الدراسات العليا والبحث العلميدائرة العلوم الشرعية – تمهيدي الماجستير مادة مقاصد الشريعة إعداد الدكتور/ مبارك المصري النظيفwww.elmasrii@gmail.com 2011م المقدمة: الحمد لله رب العالمين، حمد الحامدين وشكر الشاكرين ، وأصلي وأسلم وأبارك على من أرسل رحمة للعلمين ، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن علم المقاصد الشرعية من أجل العلوم وأنفعها، إذ به يتضح عدل الشريعة وسماحتها وحكمتها في تشريعها العام والخاص، وأنها من عند الله العليم الخبير خالق الإنسان، وضع فيها من المصالح والفوائد ما يصلح أحوال الناس في كل زمان ومكان، مما جعل هذه الشريعة راسخة صامدة ثابتة شامخة على مر العصور بما حوته من الخير والهدى والنور والبيان.
ولقد كانت مقاصد الشريعة محل دراسة الفقهاء والمحققين ومحط نظر العلماء المدققين الذين فهموا النصوص واستوعبوا دلالاتها فلا يزالون يغوصون في أسرارها ويستخرجون مكنون كنوزها كما هو واضح من خلال تفسيرهم الآيات وشرحهم للسنة النبوية وبيان أحكام الدين.
فهو من العلوم التي أسس العلماء بنيانها ووطدوا أركانها، لا سيما علماء الأصول من خلال كلامهم على المناسبة والمصالح المرسلة. وجدير بعلم كهذا أن يعتني به طلاب العلم ويتدارسوه ويدققوا فيه النظر ليتضح أكثر وأكثر.
ولعل هذه المحاضرات التي ألقيتها على طلاب الدراسات العليا مرحلة الماجستير، تكون معوانة على الولوج في هذا الموضوع والتعرف عليه، وقد جمعتها من بعض الكتب والرسائل العلمية الحديثة حيث استفدت جملته مما كتبه الدكتور محمد بن سعيد اليوبي، وأضفت إليه بعض الفوائد من بعض المراجع الأخرى مثل كتاب المقاصد لابن عاشور، ومقاصد الشريعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية للدكتور يوسف أحمد البدوي، و طرق الكشف عن مقاصد الشريعة للدكتور نعمان جغيم، ورسالة أهمية المقاصد وأثرها في استنباط الأحكام للدكتور سميح الجندي، والمختصر في مقاصد الشريعة للقرني، و معالم وضوابط الاجتهاد عند شيخ الإسلام للدكتور علاء الدين حسين رحال، وغيرها.
ولخصت الحديث عن المقاصد في النقاط التالية:
1- تعريف علم المقاصد وإثبات كون الشريعة مبنية على مقاصد وموضوعه.
2- تاريخ علم المقاصد ( المراحل التي مر عليها).
3- فوائد مقاصد الشريعة.
4- كيف تقدر المصالح والمفاسد ومن يقدرها؟.
5- أهمية دراسة المقاصد للمسلم عامياً كان أم مجتهداً.
6- طرق الكشف عن المقاصد.
7- أقسام مقاصد الشريعة.
8- خصائص المقاصد.
9- القواعد الكلية لمقاصد الشريعة.
10- علاقة المقاصد بالأدلة الشرعية.
11- المصادر والمراجع لعلم المقاصد.
سائلاً الله عز وجل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم ، نافعاً لمن شاء من خلقه ، وأرجو أن لا يحرمني طالب العلم من دعوة صالحة بالمغفرة والتوفيق ، وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أهداف المادة :
1- تزويد الطالب بتصور كلي للشريعة من خلال التعرّف على مقاصدها الكلية .
2- إكساب الطالب القدرة على الاستعانة بالمقاصد على فهم النصوص الشرعية وتفسيرها ومعرفة مراميها .
3- ترسيخ إيمان الطالب بمعرفة حكمة الشارع فيما شرع .
تعريف علم المقاصد:
تعريف المقاصد لغة: المقاصد جَمْعُ: مَقْصَد وأصلها من الفعل الثلاثي (ق ص د) , يقصد قصدا , ومقصدا ، وفي لغة العرب لها عدة معاني, منها : الأول : القصد : العدل و الوسط بين الطرفين , جاء في القرآن الكريم: (واقصد في مشيك) [سورة لقمان : 19] وكذلك في: (ومنهم مقتصد) [سورة فاطر : 23] وفي الحديث: (القصد القصد تبلغوا) أي عليكم بالتوسط في الأمور في القول والفعل . والقصْدُ في الشيء : خلاف الإفراط . الثاني : الاعتماد والَأمّ وطلب الشيء وإتيانه , كما جاء في الحديث: (فقصدت لعثمان حتى خرج إلى الصلاة ), يعني طلبته بعينه وإليه , وقصدك أي تجاهك الثالث : استقامة الطريق , قال الله تعالى: (وعلى الله قصد السبيل) [سورة النحل : 9] أي : على الله الطريق المستقيم والدعاء إليه بالحجج والبراهين الواضحة. والقصد من الطريق : المستقيم الذي لا اعوجاج فيه. الرابع : القرب , كما جاء في الآية (لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا) [التوبة : 42] أي : هينة السير.
تعريف المقاصد اصطلاحاً:
عرفها محمد الطاهر بن عاشور بأنها: "المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها" .
وعرفها علال الفاسي بقوله بأنها: "الغاية والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها " .
وعرفها محمّد الزحيلي بأنها: " الغايات والأهداف والنتائج والمعاني التي أتت بها الشريعة , وأثبتتها في الأحكام , وسعت إلى تحقيقها وإيجادها والوصول إليها في كل زمان ومكان".
وعرفها أحمد الريسوني بأنها: "الغايات التي وُضِعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد" .
وعرفها نور الدين الخادمي بأنها: "المعاني الملحوظة في الأحكام الشرعية , والمترتبة عليها , سواء أكانت تلك المعاني حكما جزئية أم مصالح كلية أم سمات إجمالية , وهي تتجمع ضمن هدف واحد هو تقرير عبودية الله ومصلحة الإنسان في الدارين" .
وعرفها يوسف حامد العالم بأنها: "الغاية التي يرمي إليها التشريع ، والأسرار التي وضعها الشارع الحكيم عند كل حكم من الأحكام. إثبات كوْن الشريعة مبنيةً على مقاصد:
لقد قامت الأدلة القاطعة على كون الشريعة ذات مقاصد بُنيتْ عليها، ويمكن إثبات ذلك بطريقين: الخبر والنقل، والنظر والعقل.
أولاً: الخبر والنقل؛ وهو نوعان:
أولهما عام؛ مثل قول رسول الله صل ى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، وفيه نفيُ الضرر والإضرار في أحكام الشرع، فدلّ على مقصد من مقاصد الشريعة في الأحكام.
والقاعدة الفقهية الكبرى المتفق عليها: (الأمور بمقاصدها)، وفيها إثبات الأحكام الدينية بناءً على النية والقصد والغاية.
والثاني خاص؛ يتعلق بمسائل ذُكِر لها مقاصد، ومنها: تحريم الخمرة؛ لإِفسادها للعقل؛ ومن أدلة ذلك قوله : "كل مسكر خمر، وكلُّ مسكر حرام".
قال ابن القيم: (القرآن وسنة رسول الله مملوءان من تعليل الأحكام بالحِكَم والمصالح وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحِكَم التي لأجلها شرع تلك الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة).
والثاني: النظر والعقل؛ وله وجهان:
الأولى: الاستقراء؛ قال البيضاوي: (إن الاستقراء دَلّ على أن الله سبحانه شرع أحكامه لمصالح العباد) ، وقال ابن القيم: (إن الشريعة مبناها على ....).
الثانية: الدلالة العقلية، ومنها أن يقال: الشارعُ في تشريعه؛ إما أن يكون قد راعى مقاصد عند التشريع أَوْ لا. والثاني باطل؛ لأنه إما لعدم العلم السابق للتشريع، أو لعدم الحكمة عند التشريع، أو لمانع منع الشارع من مراعاة المقاصد، وكلها باطلة فاسدة بالإجماع؛ فتعيَّن الأول ـ وهو أن الشارع قد راعى المقاصد عند التشريع ـ ولا بد.
موضوع علم المقاصد: موضوع علم المقاصد هو المصالح والمفاسد والأحكام الشرعية، فالمصالح من حيث جلبها والمحافظة عليها وبيان مراتبها، ومراتب ما تجلب به ويحافظ به عليها، والمفاسد من حيث دفعها ودفع ما يدعو إليها، والأحكام من حيث جلبها للمصالح ودفعها للمفاسد.
المراحل التي مر عليها علم مقاصد الشريعة:
كان مصطلح مقاصد الشريعة ظاهراً في بعض نصوص الكتاب والسنة، وفتاوى وعمل الفقهاء، دون تدوين لذلك في كتاب.
لكن لما انْقَلَبَتْ العلوم صناعة، ودُوِّنت المصنفات، وصُنِّفت الكتب؛ أُظهر علم مقاصد الشريعة، ويمكن تمييز ثلاث مراحل لهذا العلم:
المرحلة الأولى : وهي مرحلة النشأة والتكوين:
وتتمثل هذه المرحلة بما قام به علماء الأصول من إظهار بعض مباحث ومسائل مقاصد الشريعة في تآليفهم وتصانيفهم، ومن أبرز أولئك: إمام الحرمين أبو المعالي الجويني في كتابه: البرهان، والإمام أبو حامد الغَزَّالي (ت: 505 هـ) في كتابيه: المستصفى، وشفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل، ومسالك التعليل.
مزايا هذه المرحلة:
أ- إظهار بعض مباحث علم المقاصد ومسائله.
ب- عدم الإسهاب في مباحث علم المقاصد بياناً وتحقيقاً.
المرحلة الثانية : وهي مرحلة التَحَوُّل والتدوين:
وفيها إِظهارُ أصول مقاصد الشريعة، وقواعدَ كلية تتعلق بذلك، وتتمثل بما قام به سلطان العلماء العز بن عبد السلام (ت: 660هـ)، في كتابه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، والقواعد الصُّغْرى.
مزايا هذه المرحلة:
أ- إظهار أصول المقاصد إظهاراً بَيِّناً واضحاً.
ب- المجيء بمباحث وقواعد في المقاصد لم تُذْكَر من قبل.
ولقد اعتنى الإمام القَرَافي المالكي بتحرير وتهذيب ما قرَّره شيخه العز بن عبد السلام، وذلك في منثور كتبه، وبخاصة كتب: الفروق، والنفائس، وشرح تنقيح الفصول.
المرحلة الثالثة : وهي مرحلة الاكتمال والنضج :
وتتمثل بما قام به الإمام الشاطبي (ت: 790 هـ)، في كتابه: الموافقات؛ حيث جمع مسائل هذا العلم، وأصَّل قواعده، وحَقَّق مباحثه، حتى قيل: هو مخترع علم المقاصد.
مزايا هذه المرحلة:
أ- اكْتِمال علم المقاصد في جملة مسائله مع تأصيل.
ب- إظهار مقاصد الشريعة كعلم مُسْتَقِل.
ولعل من الأسباب التي دفعت الإمام الشاطبي للعناية بالمقاصد أنه مالكي المذهب، ومعلوم أن من أصول المذهب المالكي: مراعاة المصالح، هذا بالإضافة إلى وجود المَلَكَة التامَّة للاستنباط والتعليل عند الإمام الشاطبي، والقوة في علم اللسان والعربية.
الشاطبي مؤسس علم المقاصد:
إذا كان الإمام محمد بن إدريس الشافعي قد اعتبر مؤسس"علم أصول الفقه"، بالرغم من أنه لم يدع ذلك، بل مات رحمه الله، وهو لا يعرف حتى مصطلح"علم أصول الفقه"فكذلك الشأن مع إمامنا أبي إسحاق الشاطبي الغرناطي، الذي اعتبره الكثيرون مؤسس"علم مقاصد الشريعة"بالرغم من أنه لم يدع ذلك، ولا استعمل هذا اللقب.
الإمام الشاطبي أصبح رديفاً لمقاصد الشريعة، فلا يكاد يذكر إلا ذكرت معه، ولا تذكر إلا ذكر معها ، فهو شيخ المقاصد بحق وحقيقة.
وقد طارت شهرته وذاع صيته، وكتب عنه في زمننا من المؤلفات ومن الأبحاث والمقالات ما لا يكاد يحصى.
يقول ابن عاشور: "والرجل الفذ الذي أفرد هذا الفن بالتدوين هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي المالكي، إذ عني بإبرازه في القسم الثاني من كتابه المسمى(عنوان التعريف بأسرار التكليف ) أو الموافقات.
ومن إضافات الشاطبي لعلم المقاصد:
· مقاصد المكلف في علاقتها بمقاصد الشارع.
· علاقة المقاصد بالاجتهاد ومدى توقفه عليها.
· طرق إثبات المقاصد.
فهو في هذه المباحث كلها مبتكر ومجدد ومؤسس.
ابن عاشور يستأنف البناء:
لعل أول كتاب كامل يصدر حول ابن عاشور، هو(نظرية المقاصد عند الإمام ابن عاشور) للدكتور إسماعيل الحسني ، ثم تبعه كتاب الدكتور بلقاسم الغالي(شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور ثم (مقاصد الشريعة الإسلامية لابن عاشور) للأستاذ محمد الطاهر الميساوي ، ثم صدر أخيرا أهم عمل علمي عن ابن عاشور، وهو لتلميذه العلامة محمد الحبيب ابن الخوجة، الكتاب الذي يحمل اسم(محمد الطاهر ابن عاشور وكتابه مقاصد الشريعة الإسلامية)وهو في ثلاثة مجلدات ضخمة، هي:
-الجزء الأول: شيخ الإسلام محمد الطاهر ابن عاشور.
-الجزء الثاني: بين علمي أصول الفقه والمقاصد.
-الجزء الثالث: مقاصد الشريعة الإسلامية، لشيخ الإسلام، الإمام الأكبر محمد الطاهر ابن عاشور(تحقيق ومراجعة).
من أبرز ما أضافه ابن عاشور للمقاصد, هو ذلك النوع من المقاصد الذي خصص له القسم الثالث من كتابه, وسماه: "مقاصد التشريع الخاصة بأنواع المعاملات" ، وأدرج تحته:
- مقاصد أحكام العائلة.
- مقاصد التصرفات المالية .
- مقاصد الشريعة في المعاملات المنعقدة على الأبدان.
- مقاصد أحكام القضاء والشهادة.
- المقصد من العقوبات.
الصحوة المقاصدية المعاصرة.
ثم بعد سنوات من صدور كتاب ابن عاشور، برز العلامة المغربي علال الفاسي (ت1974) ، يحمل راية المقاصد والفكر المقاصدي على نطاق واسع في عدد من المؤسسات الجامعية بعد تأليف كتابه(مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها)، وهو الكتاب الذي كان أصله محاضرات ألقاها على كل من طلبة الحقوق وطلبة كلية الشريعة.
ثم ظهر التطور التاريخي الأعظم بالتدريس لعلم المقاصد لألوف الطلاب في عدد من الجامعات عبر العالم، بل انتشر البحت العلمي التأصيلي الجامعي وغير الجامعي، وامتدت حركة التأليف والنشر، وتوسعت دائرة المجالات والندوات المقاصدية المتخصصة.
مستقبل البحث في مقاصد الشريعة :
البحث في مقاصد أضحى اليوم ينمو ويتسع بوتيرة لم يسبق لها مثيل، سواء في الجامعات أو خارجها. غير أن ذلك يجري بكثير من العفوية أو العشوائية، مما يؤكد الحاجة الملحة لكثير من التفكير والتخطيط والتوجيه، من أجل ترشيد البحث المقاصدي. بين يدي ذلك أضع فيما يلي بعض الخطوط العريضة التي يمكن اعتمادها في هذا المجال.
أولا ـ الدراسة المقاصدية للقرآن والسنة:
لقد تحقق قدر معتبر من النشر والدراسة للمؤلفات والإسهامات المقاصدية لعدد من علمائنا، من فقهاء وأصوليين ومتكلمين وغيرهم. ولقد أصبح الآن لزاما التوجه إلى الدراسة المقاصدية المباشرة لنصوص القرآن والسنة، لأن مقاصد الشريعة ـ في البدء وفي النهاية ـ إنما هي مقاصد الكتاب والسنة لا أقل ولا أكثر، فإذا كنا نلتمس المقاصد ونستخرجها من كتب الفقه وكتب الأصول وغيرها، فأولى بنا الآن أن نلتمسها ونستخرجها من القرآن الكريم والسنة النبوية. فإنما المقاصد مقاصدهما، وإنما الأصول أصولهما.
قال الإمام الشاطبي وهو يحكي رحلته مع المقاصد ومع كتاب (الموافقات): "ولما بدا من مكنون السر ما بدا، ووفق الله الكريم لما شاء منه وهدى، لم أزل أقيد من أوابده، وأضم من شوارده تفاصيل وجملا، وأسوق من شواهده في مصادر الحكم وموارده مبينا لا مجملا، معتمدا على الاستقراءات الكلية، غير مقتصر على الأفراد الجزئية، ومبينا أصولها النقلية ، بأطراف من القضايا العقلية، حسبما أعطته الاستطاعة والمنة في بيان مقاصد الكتاب والسنة"([1]).
ثم قال رحمه الله في موضع آخر: "إن الكتاب قد تقرر أنه كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر... وإذا كان كذلك، لزم ضرورة لمن رام الاطلاع على كليات الشريعة وطمع في إدراك مقاصدها، واللحاق بأهلها، أن يتخذه سميره وأنيسه، وأن يجعله جليسه على مر الليالي والأيام... ولا يقدر على ذلك إلا من زاول ما يعينه على ذلك من السنة المبينة للكتاب"([2]).
على أن مقاصد القرآن والسنة ليست محصورة في آيات الأحكام وأحاديث الأحكام. بل كل الآيات والأحاديث لها مقاصدها،ويجب أن تدرس وتفهم بمقاصدها. فالقصص القرآني له مقاصده، والأدعية القرآنية والنبوية لها مقاصدها، وضرب الأمثال في القرآن والسنة له مقاصده .
ثانيا: مقاصد العقائد:
وهذا المجال في تقديري هو أهم المجالات والآفاق التي على البحث المقاصدي ارتيادها وإلحاقها بمجالات الدراسات المقاصدية، وأعني به البحث في (مقاصد العقيدة الإسلامية)، تماما مثلما بحث السابقون ويبحث المعاصرون في(مقاصد الشريعة الإسلامية). وليست شرائع الإسلام أولى بالعناية وبالبحث عن مقاصدها من عقائد الإسلام. فلماذا نجد الحديث ينمو ويتكاثر عن مقاصد الأحكام ولا نجد شيئا عن مقاصد العقائد؟ !
ففي الفقه والتشريع كانت مقاصد الأحكام حاضرة ومؤثرة في الفهم والاستنباط والاجتهاد والتطبيق، مما جعل الحديث عن مقصود الشرع، ومقصود الحكم، وحكمة الشريعة ومقاصد الشريعة، حديثا مألوفا ومعتمدا عند عامة علماء الفقه وعلماء أصول الفقه.
أما مجال العقائد(علم التوحيد والكلام) فقد خلا تقريبا من النظر المقاصدي، وكأن عقائد الإسلام ليس لها مقصد ولا غرض ولا ثمرة ترجى، وأن على المكلف أن يعتقدها ويعقد عليها قلبه ليس إلا. وليت الأمر وقف عند هذا الحد، فإنه قد يهون، ولكن الذي حصل ونتج عن تغييب مقاصد العقائد هو اتخاذ مقاصد غير مقاصدها، تم تنفيدها من الخصوم المناوئين، والرد عليها بما يضادها. وأدخلت العقائد الإسلامية- تلك البسيطة البريئة- في متاهات ذهنية خيالية أفقدتها قيمتها وفائدتها، وصرفتها عن مقاصدها وعن بعدها العلمي.
فهذا مجال كبير وبكر من مجالات(علم المقاصد)، يحتاج إلى باحثين أفذاذ ومستكشفين رواد.
ثالثا: طرق إثبات المقاصد :
هذا الموضوع كما لا يخفى هو مفتاح الكشف والإثبات لمقاصد الشريعة. وهو أيضا المفتاح الذي به نغلق الباب على أدعياء المقاصد والمتقولين على المقاصد، والمتقولين على الشريعة وأحكامها باسم المقاصد.
فحينما يصبح القول في مقاصد الشريعة وتحديدها وتعيينها وترتيبها عملا علميا دقيقا ومضبوطا له أصوله ومسالكه وقواعده، يمكننا أن نتقدم بثبات وثقة في مزيد من الكشف عن مقاصد الأحكام، إتماما لما قام به أسلافنا من فقهاء وغيرهم، على مر العصور.
كما أن هذا سيغلق الباب على الطفيليين ودعاة التسيب باسم المقاصد والاجتهاد، الذين أصبح شعارهم: "لا نص مع الاجتهاد" و "حيثما كان رأينا فتلك هي المصلحة" و "حيثما اتجه تأويلنا وغرضنا فتلك هي مقاصد الشريعة ".
نعم لقد بذلت مجهودات، وكتبت أبحاث وفصول ومقالات في هذا الموضوع، من ذلك بحث الدكتور نعمان جغيم، الذي بعنوان( طرق الكشف عن مقاصد الشارع )، ولكنها تظل حتى الآن قاصرة كما وكيفا عن سد هذه الثغرة وإيفائها حقها، بما يتناسب مع أهميتها وخطورتها.
رابعا: إعمال المقاصد واعتمادها في قضايا الفكر الإسلامي المعاصر.
إن مقاصد الشريعة - العامة منها والجزئية- تمثل ثوابت الإسلام ومراميه وأسسه العقدية والتشريعية ولذلك فهي تمثل عنصر الثبات والوحدة والانسجام لحركة الفكر الإسلامي في مختلف قضاياه وجوانبه.
ومن جهة ثانية فإن الفكر الإسلامي المعاصر قد أصبح عرضة- أكثر من أي وقت مضى - لتأثيرات قوية نافذة من الفكر الغربي الحديث، مما يوسع من احتمالات الاختلاف والتباعد، ليس بين رواده ومدارسه فحسب، ولكن التباعد حتى عن بعض ضوابط الإسلام ومقتضياته وعن صبغته وطبيعته.
ومقاصد الشريعة بما تتضمنه وتبرزه من كليات وثوابت، ومن شمولية وتناسق في النظر إلى الأمور، وبما تتضمنه من مراتب وأولويات، هي خير مؤسس وموجه وموحد للفكر الإسلامي في مختلف القضايا التي يواجهها ويعالجها اليوم، سواء منها العقدية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التربوية...، ولا نبالغ إذا قلنا إن "الفكر الإسلامي" لا يكون جديرا بهذه الصفة إلا بقدر ما يتمثل مقاصد الشريعة ويصطبغ بها، ويترجمها إلى إجابات وحلول لقضايا العصر وإشكالاته وتحدياته.
وعلى هذا الأساس يمكن أي تناول أي قضية من القضايا التي تشغل الفكر المعاصر، والفكر الإسلامي خاصة،ودراستها من عدة زوايا يكون من بينها أو في مقدمتها زاوية مقاصد الإسلام ومقاصد شريعته، بحيث تتخذ معيارا وحكما.
فوائد مقاصد الشريعة:
1. الاستعانة بالمقاصد في فهم بعض الأحكام الشرعية وفقه الأولويات.
2. توجيه الفتوى وتنزيلها على الوقائع وتحقيق مقاصد الشريعة في آحاد المستفتين.
3. تحكيم المقاصد باعتبار أقوال السلف فيؤخذ منها ما يوافقها ويترك ما يخالفها.
4. استنباط الأحكام للوقائع المستجدة مما لم يدل عليه دليل ولا وجد له نظير يقاس عليه.
كيف تقدر المصالح والمفاسد ومن يقدرها؟:
أولاً: تقدير المصالح والمفاسد بالشرع لا بالهوى:
تقدير المصالح والمفاسد إنما يكون بالشرع لا بالهوى، يقول ابن تيمية رحمه الله: ( لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة، فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها وإلا اجتهد رأيه...).
فالمرحلة الأولى أن ننظر هل المصالح والمفاسد التي نحن بصددها ورد بالموازنة بينها نص في الشريعة أم لا؟ فحيث ورد النص باعتبار مصلحة ما أو بإلغائها وجب اتباعه. فمن سأل هل يبقى مع والديه لبرهما أم يخرج متطوعًا للجهاد ولو لم يأذنا؟ أي المصلحتين تقدم؟ فهذا ورد تقديره والجواب عنه في نصوص الشريعة بما لا يدع مجالاً للاجتهاد في رأي، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: سألت رسول الله r: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها" قلت: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين"، قلت: ثم أي؟ قال: "ثم الجهاد في سبيل الله"([sup][3])[/sup].
أما إذا اشتبهت المسألة ولم يوجد نص صريح يقضي باحتمال مفسدة ما أو تفويت مصلحة أو تقديم مصلحة على أخرى فهنا يكون الاجتهاد.
ثانيًا: لا بد من النظر في المآلات عند تقدير المصالح والمفاسد:
فمما ينبغي أن يعلم أنه عند تقدير المصالح والمفاسد لا يكون ذلك بالنظر إلى اللحظة الراهنة فحسب بل لا بد من تصور العواقب والنظر فيما يؤول إليه الأمر في النهاية.
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: إن الاستقراء للشريعة وأدلتها يدل على اعتبار المآلات، وذكر أمثلة تفصيلية كامتناعه r عن قتل المنافقين مع قدرته على ذلك خشية أن يظن الناس أنه يقتل أصحابه فينفروا من الدخول في الإسلام، وكنهيه أصحابه عن زجر الأعرابي حال تبوله في المسجد، وكنهيه r عن التشديد على النفس في العبادة خوفًا من الانقطاع ، فالنظر في مآلات الأفعال معتبر ومقصود شرعًا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل.
فمن أراد الولد والذرية لا يقبل منه أن يتزوج بمن عرف أنها عقيم ويقول ليس عليّ النتيجة، وإنما يتحرى الولود أو من لم يعرف أنها عقيم، فالإنسان قبل الإقدام على العمل أو عدمه ينبغي أن يتأمل فيما يغلب أن يكون من النتائج لأنه لولا كونها مقصودة في الأصل ما شرع العمل، لكن بعد النظر والاطمئنان إلى أن الغالب كون النتائج أو المسببات الحاصلة هي مقصود الشارع فحينئذ يأخذ في التنفيذ والعمل متوكلاً على الله وهو مطمئن.
ولكن من يقوم بتقدير المصالح والمفاسد؟
لما كان هذا الأمر مما تتفاوت فيه الاجتهادات وتتباين فيه التقديرات، كان لا بد له من دراية بالشرع ومعرفة دقيقة وخبرة بالواقع مع قوة في العقل والفراسة للنظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح مع الإخلاص التام والتجرد من الهوى، والموفق من وفقه الله عز وجل وجعل له فرقانًا وبصره بالحق والصواب.
ولكن من المعلوم أن الأمور التي نحتاج فيها إلى تقدير المصالح والمفاسد تتفاوت تفاوتًا عظيمًا من حيث أهميتها وخطورتها وتأثيرها، ومن حيث دائرة من تتعلق بهم، ومن حيث كونها مطلوبة للنفس أم لإفتاء الناس، فقد يمر الإنسان ببعض المواقف اليسيرة العابرة التي يحتاج فيها لمعرفة التصرف الأمثل الملائم للشرع المحقق للمصلحة واختياره من بين عدة تصرفات محتملة وكلها مباحة في الأصل، ولا يعقل البحث عن مجتهد ليقدر المصلحة في كل أمر عابر وكل موقف يسير ولكن يستطيع غير المجتهد بشيء من التأمل أو بمشورة بعض الأصحاب الخيرين المطلعين على الشرع وعلومه ـ وإن لم يكونوا من العلماء ـ أن يقدر المصلحة ومظانها، وهذا بخلاف ما لو عظمت الأمور، أو اتسعت دائرة تأثيرها، أو تعلقت بتحريم شيء على الناس أو تحليله، فيكون ما يلزم لها من العلم وأدوات الاجتهاد أكثر وأكثر لاسيما إن تعلق الأمر بمناهج الدعوة وأساليبها وتجديد الدين وإحياء السنن، أو بإنكار المنكر والجهاد، ونحو ذلك، مما يتطلب جهد العلماء وأهل الاجتهاد.
أهمية دراسة مقاصد الشريعة:
إن معرفة مقاصد الشريعة لها أهمية عظيمة، وفوائد كثيرة بالنسبة للمسلم العامي والفقيه والباحث والعالم والمجتهد.
أما أهميتها بالنسبة للمسلم العادي:
1. زيادة الإيمان بالله تعالى ورسوخ العقيدة في القلب؛ فيحصل عنده القناعة التامة بعظمة هذا الدين وصدقه،.
2. المحافظة على المسلم من الغزو الفكري وما يحصل من تحسين للمبادئ الهدامة، وإخفاء محاسن الشريعة وذلك بعد الوقوف على علم المقاصد.
3. موافقة المكلف لمقصد الشارع، حيث إن مقاصد المكلف يجب أن تكون تابعة لمقاصد الشرع ومحكومة بها.
4. تحقيق عبودية الله تعالى، فكما أن الخلق عباد لله كوناً فلا بد أن يكونوا عباداً له شرعاً وديناً.
5. الإقبال على تطبيق الشريعة؛ لأن الطبيعة البشرية تحب ما ينفعها وتميل إليه ، فحينما يعرف المصالح المترتبة على الطاعات يطمئن إليها ويقبل عليها والعكس .
6. حماية الشريعة من الانحراف في الاستدلال والاستنباط، وصيانة الشريعة من العبث والتغيير.
أهمية علم المقاصد بالنسبة للمجتهد ومن في معناه:
1. فهم النصوص وتفسيرها ومعرفة دلالتها.
2. الترجيح بين الأدلة المتعارضة والتوفيق بينها.
3. معرفة أحكام الوقائع التي لم ينص عليها بالخصوص.
4. تنزيل الأحكام الشرعية على الظروف المكانية والزمانية (فقه الواقع وتحقيق المناط).
5. تحقيق التوازن والاعتدال في الأحكام وعدم الاضطراب.
طرق الكشف عن مقاصد الشريعة:
من الطرق التي يمكن بها معرفة مقصد الشارع ما يلي:
الطريق الأول: الاستقراء:
الاستقراء لغة: التتبع . واصطلاحا: وهو تَتَبُّع جُزئيات الشيء لإثبات حُكْم كُلّي.
أقسام الاستقراء؛ يُقَسَّم إلى قسمين:
- الأول : استقراء تام، وهو : تتبع جميع جزئيات الشيء لإثبات حكم كُلّي، وهذا حجة عند جماهير العلماء وأكثرهم، وإن كان يندر حدوث الاستقراء التام إلا ما كان في النصوص الشرعية المحددة (القرآن الكريم).
- والثاني : استقراء ناقص، وهو: تتبع جُمْلَةٍ من جزئيات الشيء لإثبات حكم كُلِّي، وهذا مختلف في حُجّيته، ولكنه من الناحية الأكاديمية العلمية البحثية هو المطلوب؛ لتعذر الاستقراء التام وإمكانية الاستقراء الناقص.
أنواع الاستقراء في علم المقاصد؛ للاستقراء نوعان:
- الأول : استقراء الأحكام التي عُرفتْ عِلَلها، لأن في استقراء العلل الكثيرة المتماثلة يمكن أن نستخلص حكمة واحدة فنجزم بأنها مقصد شرعي، كما يقول علماء المنطق أنه يمكن تحصيل مفهوم كلي من خلال استقراء الجزئيات.
مثال ذلك: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يَذَر".
والعِلَّة في هذا النهي: هو ما في ذلك من الوحشة التي تنشأ عن السعي في حرمان الآخر من منفعة مبتغاة، فيُستخلص من ذلك مقصدٌ شرعي: هو دوام الأخوة بين المسلمين.
وكذلك نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغرر، ومن معاني الغرر: الجهالة، والجهالة قد تفضي إلى نزاع، والقاعدة الفقهية تقول: (كل جهالة تفضي إلى نزاع؛ مفسدةٌ للعقد)، ومقصد التشريع في المعاملات المالية: سلامة صدور المسلمين على بعضهم؛ خالية من الحقد أو الكراهية، ولذا تم بناء أحكام المعاملات المالية على البيان والوضوح، لا على التدليس والغش والغموض.
- والثاني : استقراءُ أدلةِ أحكام اشتركت في علةٍ. ومثاله: أحاديث النهي عن: (الاحتكار) و(تَلقّي الركبان) و(بيع الطعام قبل قبضه)، حيث تشترك في علة واحدة لمستقرئها.
فبهذا الاستقراء يحصل العلم بأن رواج الطعام، وتيسير تناوله وتداوه، وعدم ارتفاع سعره؛ بتقليل حلقات السلسلة بين المنتِج والمستهلك: مقصد من مقاصد الشريعة.
الطريق الثاني: طرق معرفة العلة (مسالك العلة):
ومن هذه المسالك ما يلي:
1) النص: وهو ما كانت دلالته على العلة ظاهرة سواء كانت قطعية أو محتملة ، ومن أهم الألفاظ الدالة على العلة في نصوص الشرع الألفاظ التالية:
1- التصريح بلفظ الحكمة كقوله تعالى: (حكمة بالغة) القمر 5.
2- أن يذكر ما هو من صريح التعليل مثل قوله: (من أجل) كما في قوله: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل..) المائدة 32، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) ، وقوله: ( إنما نهيتكم من أجل الدافة).
3- لفظ (كي) كما في قوله تعالى: (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) الحشر 7.
4- لفظ (إذن) كقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب حينما قال أجعل لك صلاتي كلها قال: (إذن يغفر الله لك ذنبك كله).
2) الإجماع: وهو أن يحصل اتفاق المجتهدين على أن الوصف المعين هو علة الحكم كالإجماع على أن علة تقديم الشقيق امتزاج النسبين في الميراث فيقدم كذلك في الولاية، وإجماعهم على خلافة أبي بكر قياساً على إمامته في الصلاة.
3) الإيماء: وهو لغة: الإشارة. واصطلاحا: اقتران الحكم بوصف لو لم يكن علة الحكم لكان الكلام بعيدا عن فصاحة كلام الشارع وكان من الإتيان بالألفاظ في غير موضعها.
4) المناسبة: وهي لغة: الموافقة والملاءمة. واصطلاحاً: أن يكون الوصف الذي اقترن به الحكم مناسبا له، ومعني مناسباً له أي يترتب على إناطة الحكم به مصلحة أو دفع مفسدة.
5) الشبه: وهو لغة: المماثلة ، واصطلاحا: أن يتردد الفرع بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبهاً وقيل غير ذلك.
6) السبر والتقسيم: السبر لغة: الاختبار والتجربة، والتقسيم: التفريق.
فالتقسيم: أن يحصر المجتهد الأوصاف التي تصلح للتعليل.
والسبر: اختبار الأوصاف التي حصرها المجتهد والنظر في كونها صالحة للتعليل وإلغاء الباقي.
7) الدوران: وهو لغة: الطواف.وفي الاصطلاح: وجود الحكم عند وجود الوصف وارتفاعه عند ارتفاعه.
والدوران من الطرق التي تعرف بها العلة فلو دعي شخص باسم فغضب ثم دعي بآخر فلم يغضب وتكرر منه ذلك دون مانع دل على أنه سبب الغضب، وهكذا إذا تكرر وجود الحكم عند وجود وصف وانعدم عند عدمه دل على أنه علة الحكم.
الطرد: وهو لغة: التتابع ، وفي الاصطلاح: مقارنة الحكم للوصف بلا مناسبة لا بالذات ولا بالتبع، وأكثر العلماء على عدم اعتباره كالطول والقصر.
9) تنقيح المناط: وهو لغة: التشذيب والتهذيب. وفي الاصطلاح: أن يدل نص ظاهر على التعليل بوصف فيحذف خصوصه عن الاعتبار بالاجتهاد ويناط الحكم بالأعم.
مثاله: قصة الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان وأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بكفارة مثل كفارة الظهار، فهل ذلك لكونه أعرابياً أم للجماع نهاراً أم انتهاك حرمة الشهر أم لأنها زوجته؟.
الطريق الثالث: مجرد الأمر والنهي الابتدائي التصريحي:
فيدل الأمر المجرد ابتداء على أن الفعل مقصود للشارع وهكذا النهي يدل على أن ترك الفعل مقصود للشارع لكن ذكر لهما الشاطبي رحمه الله قيدين:
الأول: أن يكون كل منهما ابتدائياً وليس لكونه وسيلة إلى غيره أو تابعا لغيره كتحريم البيع بعد نداء الجمعة فليس ابتدائياً بل تأكيداً للسعي الذي لا يتم إلا بتركه.
الثاني: كون الأمر والنهي تصريحي أي صريح في دلالته على الطلب فخرج بذلك الضمني الذي تضمنه المأمور به أو المنهي عنه كقولهم: ( الأمر بالشيء نهي عن ضده ) فهذه الأضداد ليس النهي عنها صريحاً بل جاء في ضمن الأمر.
الطريق الرابع: التعبيرات التي يستفاد منها معرفة المقاصد:
وهي على نوعين:
الأول:التعبير بالإرادة الشرعية ونحوها وذلك كقوله تعالي: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة 185، وقوله: (والله يريد أن يتوب عليكم) النساء 27، والمقصود هنا الإرادة الشرعية، ومثلها القضاء والحكم والكتابة والأمر والإذن والجعل والكلمات والبعث والإرسال والتحريم، وهذه الألفاظ يراد بها الأمر الكوني وتارة الشرعي والمقصود هنا الشرعي، فالقضاء الشرعي كقوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) الإسراء 23، والحكم الشرعي كقوله: (ذلكم حكم الله يحكم بينكم) الممتحنة 10، والكتابة الشرعية كقوله: (كتب عليكم الصيام) البقرة 183، والأمر الشرعي كقوله: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) النحل 90، والإذن الشرعي كقوله: (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) الحشر 5، أي بأمره ورضاه.
الثاني: التعبير عن المصالح والمفاسد بلفظ الخير والشر والنفع والضر وما شابهها، وذلك مثل قوله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) البقرة 216، وقوله: (وأن تصوموا خير لكم) البقرة 184، ومن التعبير عن المصلحة والمفسدة بالمنفعة والإثم قوله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس) البقرة 219 .
الطريق الخامس: سكوت الشارع عن الحكم مع قيام المعنى المقتضي له وانتفاء المانع منه:
وذلك أن الأحكام التي يراد معرفة مقصد الشارع فيها لا تخلو من ثلاثة أحوال:
1- أن يثبتها الشارع بط | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: تابع للمحاضرات في مقاصد الشريعة الجمعة 25 مايو 2012 - 16:56 | |
| الطريق الخامس: سكوت الشارع عن الحكم مع قيام المعنى المقتضي له وانتفاء المانع منه:
وذلك أن الأحكام التي يراد معرفة مقصد الشارع فيها لا تخلو من ثلاثة أحوال:
1- أن يثبتها الشارع بطريق من طرق الإثبات والمشروعية كطلبها والأمر بها والترغيب فيها.
2- أن ينفيها الشارع وذلك بالنهي والوعيد ونحوه.
3- أن يسكت الشارع عن الحكم فلا يتعرض له بنفي ولا إثبات وهذا على نوعين:
الأول: ما سكت عنه لعدم وجود ما يقتضيه كالنوازل التي حدثت بعد موته صلى الله عليه وسلم فهذا يجتهد فيه علماء الشريعة .
الثاني: ما سكت عنه مع قيام موجبه المقتضي له فهذا النوع يعتبر السكوت عنه كالنص من الشارع ألا يزاد فيه ولا ينقص منه لأن وجود المقتضي له ثم لم يشرع له حكما دليل صريح على أن الزائد عليه بدعة زائدة ومخالفة لقصد الشارع، وهذا أصل عظيم يفرق به بين البدع والمصالح المرسلة.
الطريق السادس: اللغة العربية:
1. إن ضبط اللسان العربي ومعرفة المعاني التي تحملها ألفاظ العرب من أهم الأمور لمعرفة وفهم مقاصد الشارع لأنه نزل بلسان العرب.
2. نظراً لسعة اللغة وكثرة المعاني التي تحتملها الألفاظ، فقد تتخذ اللغة وسيلة للتحريف كما فعل الباطنية والمعتزلة و الجهمية وغيرهم، وأصبحت الألفاظ الشرعية محرفة تؤول حسب الأهواء والأغراض.
3. من الضروري تعلم اللغة فهي من الدين وتعلمها فرض واجب لفهم مقاصد الكتاب والسنة ومراد الشارع من خطابه، إذ لا يفهم ذلك إلا بلسان العرب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فمنها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية.
4. إن الأصل في معرفة مقاصد الشارع هو ما يدلنا عليه من مراده بتصرفاته وعادته، واللغة وسيلة لذلك، فإن عرف معنى الألفاظ الشرعية وما أريد بها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم فلا حاجة للاستدلال بأقوال أهل اللغة.
الطريق السابع: سياق الخطاب:
1. إن العلاقة بين المقاصد والخطاب الشرعي وطيدة، فهو وسيلة إلى إدراكها وفهمها مع كونه منبعها ومصدرها.
2. العلم بأسلوب الشارع وعادته وطريقته في التعبير عن الأحكام الشرعية ومقاصدها ضروري جداً.
3. يقصد بسياق الكلام تتابعه وأسلوبه الذي يجري فيه، وإن أفضل قرينة تدل على حقيقة معنى اللفظ موافقته لما سيق له من القول واتفاقه مع جملة المعنى وائتلافه مع القصد الذي جاء الكلام من أجله.
4. من الشروط اللازمة لتحديد المعنى المراد فعلاً من طرق الشارع ما يلي:
أ- معرفة عادة الشارع في الخطاب وأسلوبه في التعبير والبيان وذلك باستقراء مختلف استعمالات الألفاظ ودلالتها على المعاني وتتبعها وسبرها ومعرفة الوجوه والنظائر في كلامه.
ب- معرفة السياق الذي ورد فيه اللفظ حتى يمكن تحديد مراد الشارع وقصده وذلك بالنظر إلى القرائن الحالية والمقالية فمدلولات الألفاظ تختلف باختلاف الحال والزمان، فحال المتكلم والمخاطب لا بد من اعتبارها، إذ الكلام يختلف بحسب حالين وزمانين ومخاطبين.
الطريق الثامن: فهم الصحابة وفقههم:
وذلك لأنهم أعلم باللغة، وألصق الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم بمقاصده وحديثه وسيرته، فللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور السنة وأحوال الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرفها أكثر المتأخرين فإنهم شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم وعاينوا التنزيل وعرفوا أحواله صلى الله عليه وسلم، فامتاز فقههم عن غيرهم بأنهم نظروا إلى معاني الألفاظ ومقاصدها لا إلى صورها وأشكالها.
الطريق التاسع: الاستدلال بالمقاصد الأصلية على المقاصد التبعية:
ذلك بأن المقاصد الأصلية تمد المقاصد الفرعية وتثبتها، والمقاصد الفرعية تكمل الأصلية وتحفظها، وذلك بشرط أن لا تتناقض الفرعية مع الأصلية وإلا أصبحت الفرعية ملغاة، ومثال ذلك الصلاة: فمقصدها الأصلي ذكر الله وعبادته تعالى، ولكنها أيضاً تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهو مقصد فرعي يقوي ويثبت المقصد الأصلي لما يحصل في القلب من الخشية والتعظيم والمهابة من الله تعالى من ترك الفحشاء والمنكر. ومثال ذلك: الإخلاص والتواضع فإنه يحصل بهما من الحكمة والرفعة لكن ذلك مقصد تابع، فمن أخلص وتواضع لأجل المقصد التابع لم يحصل له ذلك، فإن قصد وجه الله وإرضاءه بذلك حصل له المقصد التابع. | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: تابع للمحاضرات في مقاصد الشريعة الجمعة 25 مايو 2012 - 16:59 | |
| | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: تابع للمحاضرات في مقاصد الشريعة الجمعة 25 مايو 2012 - 17:02 | |
| | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: تابع لمحاضرات مقاصد الشريعة الجمعة 25 مايو 2012 - 17:06 | |
| خصائص مقاصد الشريعة:
أولاً: خصائص المقاصد:
وتنقسم إلى قسمين: 1) الخصائص الأصلية. 2) الخصائص الفرعية.
أولاً: الخصائص الأصلية:
وهي التي يترتب عليها خصائص أخرى ومن أهم هذه الخصائص:
1- الربانية: ومعناها أن مقاصد الشريعة منزلة من عند الله تبارك وتعالى فهي ربانية المصدر ، وهذا وحده كاف لبيان عظمتها وأهميتها ومكانتها.
2- خاصية مراعاة الفطرة وحاجة الإنسان:
أولاً: المقصود بالفطرة هنا: الجبلة التي خلق الله الناس عليها وجبلهم على فعلها.
ثانيا: موقف الشريعة من الفطرة: يمكن تلخيص موقف الشريعة من الفطرة في النقاط الآتية:
أ/ الشريعة موافقة للفطرة لأن الشريعة من عند خالق الفطرة.
ب/ الشريعة منظمة للفطرة وواضعة للحدود والضوابط الكفيلة باستقامتها والمحافظة عليها وعدم انحرافها. ومن الأمثلة والأدلة على ذلك ما يأتي:
ـ تشريع النكاح لما في الفطرة من الميل إليه.
ـ تشريع التملك وإباحته لما في الفطرة من حب التملك وكل ذلك بضوابط وحدود.
ثالثا: أثر مراعاة الفطرة في مقاصد الشريعة يتجلى ذلك من وجهين:
الأول: أن مقاصد الشريعة جاءت بالمحافظة على الفطرة وكل ما يعد حفاظا عليها وتحذيراً من خرقها فهو واجب وخلافه محرم وما لا يمسها مباح وعلى ذلك يفسر محافظة الشريعة على الضروريات والحاجيات والتحسينيات وغير ذلك فكله من مراعاة الطبيعة البشرية وفطرتها.
الثاني: أن المحافظة على الفطرة وعدم مصادمتها أكسب مقاصد الشريعة خصائص مهمة من الثبات والعموم والاتزان ونحوه لأن فطرة الناس واحدة في كل زمان ومكان.
ثانياً:الخصائص الفرعية:
1) خاصية العموم والاطراد:
معناها: العموم: بمعني الشمول لجميع أنواع التكليف والمكلفين والأحوال والأزمان والأماكن.
والاطراد: ألا تكون تلك المقاصد مختلفة باختلاف الأحوال والأقطار والأزمان بل هي محققة لمصالح العباد في كل زمان ومكان دون اختلال.
فائدة:
1- مقاصد الشريعة ليست متجهة لتحقيق جانب دون آخر بل تشمل جميع جوانب الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها لسعة علم واضعها وحكمته.
2- الأنظمة والقوانين البشرية تتسم بالقصور والتناقض وذلك لقصور واضعها واتجاهه لتحقيق جانب معين عند وضعها ونسيان بقية المواضع.
مثال: العدل في نظام الإسلام وضعت الشريعة وفيها مقصد تحقيق العدل لكن بمعناه الشامل سواءً في الحكم بين الناس أم بين الزوجات أم بين الأولاد أم غير ذلك بخلاف الأنظمة فهي تراعي جانب من هذه الجوانب على خلل وضعف.
2) خاصية الثبات:
معناها: أن المقاصد الشرعية ثابتة لا تزول ولا تتغير ولا تتبدل بتغير الأزمان والأماكن والأحوال فالواجب يظل واجباً دون تغير والسبب يظل كذلك والأركان تظل أركاناً دون تبديل وهكذا بقية مقاصد الشريعة، ولذا بعد استقرار الشريعة وكمالها لا تجد فيها نسخاً ولا تقييداً ولا تخصيصاً ولا رفعاً لحكم من أحكامها.
3) خاصية العصمة من التناقض:
معناها: أن مقاصد الشريعة متناسبة متوافقة غير متنافرة ولا مختلفة ولا متناقضة وهي سمة بارزة في نصوص الشريعة أيضاً، فتجد التوافق والانسجام في النصوص نتج عنه أيضاً توافق وتناسب في المقاصد لأن تناقض النصوص هو تناقض مدلولاتها وتعارض مقاصدها.
4) خاصية البراءة من التحيز والهوى:
معناها: أن الشريعة مبنية على قصد العدل والتوسط والاعتدال وجلب المصالح لجميع البشر وبشتى فئاتهم وطبقاتهم حاكمهم ومحكومهم فهي تحقق المصالح وتدرأ المفاسد عن جميع البشر دون محاباة ، فأركانها وأحكامها وأسبابها تشمل جميع الناس.
5) خاصية القداسة والاحترام:
معناها: أن للشريعة قداسة واحترام ليست للقوانين الوضعية فهي محفوظة سراً وعلانية للأمور التالية:
أ _ أن الله تعالى تولى حساب البشر بنفسه ومهما اختفى الإنسان عن أنظار الناس فإنه يعلم أن الله يراه ويسمعه ويعلم سره ونجواه فيقوم واعظ عليه من داخل نفسه و كيانه فيستعظم أمر معصية الله تبارك وتعالى.
ب _ أن المسلم يعلم أنه إن سلم من العقوبات الدنيوية فلن يسلم من العقوبات الأخروية إلا أن يشاء الله بل إن عقوبة الآخرة أعظم.
ج _ أنه يجد في الشريعة ما يحقق له جميع المصالح على أكمل الوجوه وأتمها فهي جديرة بالاحترام لما يرى من الشقاء والبلاء عند المخالفة فداعي العقل والفطرة يدعو إلى التمسك بها فضلاً عن داعي الشرع.
6) خاصية الضبط والانضباط:
معناها: أن مقاصد الشريعة لها حدود وضوابط لا تتجاوزها ولا تقصر عنها فهي مضبوطة بضوابط وقيود من شأنها أن تجعلها في اعتدال وتوسط سواء في جانب فرض العبادات أم في جانب المعاملات والحدود فهي تكاليف وشرائع تحقق المصالح دون زيادة أو نقصان وهذا بخلاف ما يوجد في أنظمة البشر من القصور والمبالغة في القوانين.
وهذا الضبط في مقاصد الشريعة يحقق أمرين:
الأول: أن يخلصها ويبعدها عن الإفراط والتفريط ويضفي عليها سمة التوسط والاتزان.
الثاني: أنه يجعلها سهلة التطبيق لأن لها حدود وشروط وضوابط بخلاف ما لو كانت مفهومات عامة ومقاصد غير مضبوطة بضوابط فإن هذا يؤدى إلى اضطراب في فهمها ومن ثم في العمل بها.
القواعد الكلية لمقاصد الشريعة:
هذه القواعد هي بمثابة التلخيص لما سبق ذكره من القواعد والضوابط والكلمات الجامعة في باب المقاصد ويمكن جعلها على قسمين:
الأول: القواعد العامة:
ويمكن تلخيصها في القواعد التالية:
1- جاءت الشرائع لمصالح العباد فالأمر والنهي والتخيير بينهما راجع إلى حظ المكلف ومصالحه.
2- الشارع وضع الشريعة على اعتبار المصالح باتفاق.
3- تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق وهي حفظ الضروريات والحاجيات والتحسينيات.
4- اشتمال الشريعة على مصلحة جزئية في كل مسألة و مصلحة كلية في الجملة.
5- الأصول الكلية التي جاءت الشريعة بحفظها خمسة وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
6- الضروريات مراعاة في كل ملة وإن اختلفت أوجه الحفظ وهكذا يقتضي الأمر في الحاجيات والتحسينيات.
7- المراتب الثلاث الضروريات والحاجيات والتحسينيات كليات تقضي على كل جزئي تحتها سواء كان إضافياً أم حقيقياً إذ ليس فوق هذه الكليات كلي تنتهي إليه بل هي أصول الشريعة.
8- تنزيل حفظ الضروريات والحاجيات في محل على وجه واحد لا يمكن بل لابد من اعتبار خصوصيات الأحوال والأبواب وغير ذلك من الخصوصيات الجزئية.
9- أن الأمور الضرورية أو غيرها من الحاجية والتكميلية إذا اكتنفها من الخارج أمور لا ترضى شرعاً فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج.
10- ما يقع خطأ من المكلف وفيه إخلال بالضروريات الخمس فقد شرع التلافي حتى تزول المفسدة فيما يمكن فيه الإزالة.
11- القواعد الكلية من الضروريات والحاجيات والتحسينيات لم يقع فيها نسخ وإنما وقع النسخ في أمور جزئية.
12- المراتب الثلاث الضروريات والحاجيات والتحسينيات يخدم بعضها بعضاً وتخصص بعضها بعضاً فإذا كان كذلك فلا بد من اعتبار الكل في مواردها وبحسب أحوالها.
13- يجب أن يعتبر في كل رتبة جزئياتها لما في ذلك من المحافظة على تلك الرتبة وعلى غيرها من الكليات.
14- الأمر الكلي إذا ثبت فتخلف بعض الكليات عن مقتضاه لا يخرجه عن كونه كلياً.
15- حفظ الضروريات بأمرين:
الأول: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود.
الثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم.
16- جميع أنواع المناسبات ترجع إلى رعاية المقاصد وما انفك عن أمر مقصود فليس مناسباً.
17- كل مناسبة يرجع حاصلها إلى رعاية مقصود يقع ذلك المقصود في رتبته يشير العقل إلى حفظها ولا يستغني العقلاء عنها فهو واقع في الرتبة القصوى في الظهور.
18- في موضوعات الشرع فيما تعرضت له النصوص غنية و مندوحة عن كل مخترع بالمصالح.
19- اتباع المصالح مع مناقضة النص باطل.
20- لا بد من المحافظة على حدود الشريعة والإعراض عن المصالح لأن الفتوى بالمصلحة اجتهاد ولا اجتهاد مع النص.
21- إنما تطلب الأحكام من مصالح تجانس مصالح الشرع.
22- يجب أن يكون اتباع المصالح مبنياً على ضوابط الشرع ومراسمه.
23- الشرع يحيط بجزئيات من المصالح لا يحيط بها العقل.
الثاني: القواعد الخاصة:
القواعد الخاصة ببعض الأبواب ويمكن أن نذكر منها هنا ستة أقسام ، وهي كالتالي:
الأول: القواعد المتعلقة بمعرفة مقاصد الشريعة:
1- مقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والإجماع.
2- كل ما يتضمن حفظ الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ورفعها مصلحة.
3- كل مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة والإجماع وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشرع فهي باطلة.
4- إذا تعارض شران أو ضرران فقصد الشارع دفع أشد الضررين أو أعظم الشرين.
5- الجهة المرجوحة غير مقصودة الاعتبار شرعاً.
6- المفسدة أو المشقة التابعة للفعل المطلوب أو الناشئة عنه ليست مقصودة في شرعية ذلك الفعل وطلبه وكذا المصلحة التابعة للمفسدة.
7- الحرج مرفوع فكل ما يؤدي إليه فهو ساقط برفعه إلا بدليل على وضعه.
8- أسباب الرخص ليست بمقصودة التحصيل للشارع ولا مقصودة الرفع.
9- الحرج المعتاد مثله في التكاليف غير مرفوع.
10- الأمر بالفعل يستلزم قصد الشارع إلى وقوع ذلك الفعل، والنهي يستلزم القصد إلى منع وقوع المنهي عنه.
11- مدح الفعل دليل على قصد الشارع إلى إيقاعه.
12- كل أصل شرعي لم يشهد له نص معين وكان ملائماً لتصرفات الشرع ومأخوذاً معناه من أدلته ، فهو صحيح يبنى عليه ويرجع.
13- وضع الأسباب يستلزم قصد الواضع إلى المسببات.
14- إن الشرع لا يعتبر من المقاصد إلا ما تعلق به غرض صحيح محصل لمصلحة أو دارئ لمفسدة.
الثاني: القواعد المتعلقة بالمكملات:
1- كل مكمل عاد على أصله بالنقض فباطل.
2- إبطال الأصل إبطال للتكملة.
3- المكمل للمكمل مكمل.
4- المقاصد الضرورية في الشريعة أصل للحاجية والتحسينية.
الثالث: القواعد المتعلقة بوسائل المقاصد:-
1- الوسائل لها أحكام المقاصد.
2- قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة.
3- كلما سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة.
4- كل تصرف جر فساداً أو دفع صلاحاً فهو منهي عنه.
5- أن أجور الوسائل وآثامها تختلف باختلاف مقاصدها.
6- كلما قويت الوسيلة إلى الأداء كان إثمها أعظم.
7- أن عدم إفضاء الوسيلة إلى المقصد يبطل اعتبارها.
8- الوسائل أخفض رتبة من المقاصد.
9- إذا تعددت الوسائل إلى المقصد الواحد فتعتبر الشريعة في التكليف بتحصيلها أقوى تلك الوسائل تحصيلاً.
10- إذا تساوت الوسائل في الإفضاء إلى المقصد باعتبار أحواله كلها سوت الشريعة في اعتبارها وتخير المكلف في تحصيل بعضها دون بعضها الآخر إذ الوسائل ليست مقصودة لذاتها.
11- إن الشيء إذا كان واجباً وله وسائل متعددة لا يجب أحدها عيناً.
12- قد تكون الوسيلة متضمنة مفسدة تكره أو تحرم لأجلها وما جعلت وسيلة إليه ليس بحرام ولا مكروه.
13- يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد.
الرابع: القواعد المتعلقة بالمقاصد التابعة:
1- المقاصد التابعة خادمة للمقاصد الأصلية ومكملة لها.
2- التابع إذا كان خادماً للقصد الأصلي فالقصد إليه ابتداءً صحيح وإلا فلا.
3- لا يعتبر التابع إذا كان اعتباره يعود على المتبوع بالإخلال.
4- ما كان من التوابع مقوياً ومعيناً على أصل العبادة وغير قادح في الإخلاص فهو المقصود التبعي السائغ وما لا فلا.
5- أن ما كان من المقاصد التابعة مثبتاً للمقصد الأصلي ومقوياً لحكمته ومستدعياً لطلبه وإدامته فهو المقصود للشارع وإن لم ينص عليه.
6- أن القصد التابع إذا كان الباعث عليه القصد الأصلي كان فرعاً من فروعه فله حكمه.
الخامس: القواعد المتعلقة بمقاصد المكلفين:
1 ـ قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقاً لقصده في التكليف.
2 ـ كل قصد يخالف قصد الشارع فهو باطل.
3 ـ كل أمر شاق جعل الشارع فيه للمكلف مخرجاً ، فقصد الشارع بذلك المخرج أن يتحراه إن شاء على الوجه الذي شرعه له.
4 ـ أن الأمور العادية إنما يعتبر في صحتها ألا تكون مناقضة لقصد الشرع ولا يشترط ظهور الموافقة.
5. القصد غير الشرعي هادم للقصد الشرعي.
السادس: القواعد المتعلقة بالترجيحات:
1- آكد المراتب الضروريات فالحاجيات فالتحسينيات.
2- المقاصد العامة مقدمة على الخاصة.
3- أعظم المصالح جريان الأمور الضرورية الخمسة المعتبرة في كل ملة وأعظم المفاسد ما يكر عليها بالإخلال.
4- يرجح ما كان راجعاً إلى كلي ضروري على ما رجع إلى كلي تحسيني.
5- المصلحة الأصلية أولى من التكميلية.
6- درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
7- مراعاة المقاصد مقدمة على رعاية الوسائل أبداً.
8- تقدم المصلحة الغالبة على المفسدة النادرة.
9- ما تثبت مفسدته في جميع الأحوال مقدم على ما تثبت مفسدته في حال دون حال.
10- تقدم المفسدة المجمع عليها على المختلف فيها.
11- حفظ البعض أولى من تضييع الكل.
12- ما كان مطلوبا بالقصد الأول هو أعلى المراتب. | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: تابع لمحاضرات مقاصد الشريعة الجمعة 25 مايو 2012 - 17:08 | |
| | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: تابع لمحاضرات مقاصد الشريعة الجمعة 25 مايو 2012 - 17:10 | |
| | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: التابع الأخير لمحاضرات مقاصد الشريعة الإسلامية د. مبارك المصري الجمعة 25 مايو 2012 - 17:12 | |
| مصادر ومراجع مقاصد الشريعة: 1- الموافقات في أصول الشريعة
| أبو إسحاق الشاطبي ، بتعليق عبد الله دراز
| 2- إعلام الموقعين
| ابن القيم
| 3- قواعد الأحكام
| العز بن عبد السلام – تحقيق عبد الغني
| 4- شفاء الغليل
| أبو حامد الغزالي – تحقيق محمد الكبيسي
| 5- مقاصد الشريعة
| محمد الطاهر بن عاشور ، تحقيق الميساوي
| 6- مقاصد الشريعة و مكارمها
| علال الفاسي
| 7- المقاصد العامة للشريعة
| يوسف العالم
| 8- مقاصد الشريعة الإسلامية
| محمد اليوبي
| 9- نظرية المقاصد عند الشاطبي
| أحمد الريسوني
| 10- الشاطبي و مقاصد الشريعة
| حمادي العبيدي
| 11- تعليل الأحكام
| الشيخ محمد مصطفى شلبي
| | |
12- علم مقاصد الشارع للدكتور عبد العزيز الربيعة.13- المقاصد العامة للشريعة الإسلامية للدكتور بن زغيبه .14- المقاصد في المذهب المالكي خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين ، للدكتور نور الدين الخادمي.15- طرق الكشف عن مقاصد الشارع ، للدكتور نعيم جغيم.16- مقاصد الشريعة ، لمحمد مهدي شمس الدين وآخرون.17- مقاصد الشريعة عند ابن تيمية ، للدكتور يوسف أحمد بدوي.18- مقاصد الشريعة عند الإمام العز بن عبد السلام للدكتور عمر بن صالح بن عمر. الله أسأل أن ينفعنا بما علمنا وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه نافعة لعباده إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين. | |
| | | Admin المدير والمشرف العام على المنتدى
الموقع : موقع ومنتديات مجمع شعاع النور الإسلامي عدد المساهمات : 87
| موضوع: رد: محاضرات مقاصد الشريعة الإسلامية لطلاب الدراسات العليا الجمعة 25 مايو 2012 - 17:18 | |
| وجزاكم الله خيرا
أرجو كل من يهمه هذا البحث أن يسجل تعليقة ، في غاية الأهمية | |
| | | | محاضرات مقاصد الشريعة الإسلامية لطلاب الدراسات العليا | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |